Ghadiria

تقول رابعة العدوية : ما أسوا أن يعبد العابد الله رجاء الجنة أو مخافة النار ! وتساءلت إذا لم يكن

هناك جنة ولا نار، أفما كان الله يستحق العبادة ؟

هذه المقولة اخترتها كمدخل لتصحيح بعض المفاهيم المغلوطة حول التصوف وكيف أن الحياة الروحية هي الوسيلة الوحيدة لعيش حياه نفسية متوازنة في عالم تحكمه السرعة والمفاهيم الرأس مالية التي تجرد الإنسان من مبادئه وتحوله لمتغير رياضي، هي الطريقة الآمنة لاحتضان الجانب المظلم للكينونة دون الضياع في دهاليزه.. المواد المنشورة حول ماهية التصوف رغم تقديرنا لمجهودات مقدمها تتردد بين التعقيد الأكاديمي والتبسط المخل الأمر الذي جعل الإنسان العادي يرى التصوف من منظور ضبابي ويعزز ذلك اللبس بينه وبين القواعد والتصنيفات الوضعية للعلوم الشرعية بينما الوحدة قائمة بين التصوف وأعلى مراتب العقيدة والممارسات الأخلاقية  فالتصوف كمنهج حياة متوازن مع الطبيعة الكونية ومنسجم مع خطة الخالق للخلق بهدف السعادة الدنيوية وتفادى العواقب والخلاص الأخروي هذا بالضبط ما جعل المبادئ الصوفية الحق لغة أخلاقية  عالمة يقبلها البوذي والمسيحي والهندوسي وهذا واضح في إقبال الباحثين الغربيين على ترجمة كتب أقطابه وأساطين التصوف وتخصيص موارد وفتح مراكز بحيثية  لدراسة فلسفات التصوف وإعادة تقديمها في شكل قواعد تنمية بشرية تحفيزية ومن المعروف أن مؤلفات جلال الدين الرومي وشمس الدين التبريزى المترجمة هي الأكثر مبيعا اليوم في الولايات المتحدة والأكثر اقتباس في المنشورات العلمية في المجال والسبب أن التصوف كمنهج وفلسفة حياة للوصول للاستنارة صالح لمعتنقي جميع الأديان السماوية ومنسجم مع كل المنظومات الأخلاقية والفلسفات الاجتماعية، هذا لأنه صادر عن عوالم الروح ومقبولة لجميع البشر بالفطرة و لتقريب مفهوم التصوف أكثر نقول إن المسلمين كأمة منقسمة سياسيا على أساس ديني إلى سنة وشيعة، عقديا منقسميه بين الفهم الأشعري والوهابي.. الخ ، وفي الجانب الفقهي هناك أربع مذاهب مشهورة وعشرات المذاهب المندثرة وبعضها معتمد على بعض الأقليات، وهناك حساسيات وتبادل اتهامات غير صحي تطور في أكثر من مناسبة تاريخية إلى اصطدام عنيف وظاهرة الإرهاب تستبطن كل هذه المفاهيم بينما في الجانب الآخر التصوف كمذهب روحي يتبنى ثقافة السلام ويرفض جميع أشكال العنف ويحث على تقبل الآخر كما هو دون إصدار أحكام على أي معتقد أو فلسفة اجتماعية.

وفي الجانب العقدي يحث على إفراد الله بالعبادة، بينما يركز الجانب الأخلاقي على رحلة الإنسان الدنيوية ويصحح صوره الخالق كإله غفور رحيم في الذهن الجمعي، وعلى مستوى الشعائر يركز على الذكر الجماعي المتناغم، وهي طريقة مثبتة علميا في مخاطبة اللاوعي سبيلا إلى كسر البرمجة الاجتماعية المعتمدة على “الإيغو” وكبرياء النفس- خطيئة إبليس الأولى هي الكبر- بالإضافة إلى طرح اجتماعي يقدس المساواة الإنسانية و

 

تشاركية الموارد على الصعيد الاقتصادي لسيطرة على نزعة النفس الحسد والغل والتباغض والتنافس وصولا بالفرد إلى الاستحقاق المفقود للإنسان كخليفة لربه على الأرض . كما أن دور المشايخ روحانيا هام للغاية فهم من أصحاب القربات ويوجهون السيرة الروحية للسالكين ويحافظون على سلامة الطريق من المزالق ، لذلك هم ركن أصيل في المدارس الباطنية وبذكرهم تتنزل الرحمات

بقلم . محمد غلي الشيخ سيدي محمد